كان في السابعة عشرة من عمره حين التحق بالجامعة في بلد آخر ، جلس خجولاَ في قاعة المحاضرات ، أول يوم جلست ثلاث بنات على جانبيه ، تصبب العرق من جبينه ولم يفهم شيء من تلك المحاضرة من شدة الخجل ، أيام وأشهر وإذا برسالة تصله بالبريد أن والده أجرى عملية جراحية ، لم يستطع الصبر فعاد لبلده ليطمئن على والده ، وبعد أسبوع عاد للجامعة في ذلك البلد ، احتار كيف سيحصل على محاضرات ذلك الأسبوع ، وفجأة وهو جالس على كرسي من البلاط ، وإذا بزميلته تحييه بالسلام وتقول له : هذه محاضرات الأسبوع الذي فاتك ..!!
شكرها ، ولكنه كان محتاراَ وهو ينظر إليها ، ولماذا وكيف ...أسئلة كثيرة دارت في رأسه
بعد شهرين قامت الجامعة بترتيب رحلة لطلبة السنة الثانية وكانت الرحلة لأحد الجزر عن طريق نهر جميل ، حجز مقعده بالرحلة لأنه علم أنها ستشارك بنفس الرحلة ، وبعد ابحار طويل ، ارتفع صوت المزاح بين الطلبة ، فنظر وإذا بأحد الطلاب يريد ممازحتها ، اهتزّ بدنه وثارت مشاعره ، وقرر أن يناديها ، أتت إليه وبعينيها بريق هدوء ونظرة لم يعرف معناها ولكنه كان يحس بشيء كبير يشده نحوها ..
جلسا وتبادلا الحديث ، وأدرك لفطرته النقية بأنه الحب ..ففاتحها بمشاعره ، وإذا بها تبادله نفس الشعور ..!!!؟
عاشا قصة حب طيلة سني الدراسة كانت مضرب للمثل بالبراءة وحسن الأخلاق في الكلية ، ذهب لأهلها وتقدم لخطبتها ، لكن والدتها أبت أن تقبل وقالت : نحن لانزوج بناتنا خارج البلد ، أحس بصفعة قوية ولكنّه استمر بالطريق ، و بعد خمسة أعوام ، كان قرب يوم التخرج ، فحضر والدة وخاله وشقيقه لذلك البلد ، فاجتعوا بهما ، ولكنها نصحت والده بكلمات حزينة ( ماتغلب حالك يا عمي ، فوالدتي لن ترضى ) ، وفعلاَ هذا ماحدث ..
افترقا بيوم حار وودعها قائلَ سنلتقي ..والدموع تتساقط من عينيه وعينيها ..
................مرت السنين
بعد عشرين عاماَ سافر لبلدها ، وأصر لمعرفة عنوانها وقد استطاع وعرف رقم الهاتف
لم يحتمل الصبر رغم المخاطر ، واتصل بالرقم وإذا بها ترد بنفسها عليه ..
يا إلاهي هل هو عندنا ..!؟ ،
تقابلا في بهو الفندق الذي يسكن به ، وعندما التقيا بكيا وبكى صاحبيه وشقيقه الذين كانوا يعرفون الحقيقة ، كان الموقف مبكياَ .. عرف أنها أصبحت أم وهي عرفت أنه أصبح أب ، واستعادا كل الذكريات كأنها حصلت بالأمس ..
افترقا من جديد ، على أن يلتقيا بالعام القادم ..
ولكن الصاعقة كانت بعد سبعة شهور وتحديداَ يوم التاسع من أيار ، حيث وصله خبر استشهادها .. ..
ومنذ ذلك اليوم وحتى الآن وهو حزين جداَ ، ولكنه يحب كل الناس ..
__________________
ومن يتهيّب صعود الجبال ............يعِش أبدَ االدَهرِ بين الحفَر